تل أبيب تتهم البرادعي بخدمة أجندات سياسية معينة أثناء توليه منصبه في الوكالة الذرية

لأول مرة بدأت الصحف الإسرائيلية الاهتمام بالدكتور محمد البرادعي وفرصة ترشحه لمنصب الرئاسة بمصر خلال الانتخابات المقبلة في عام 2010 وهو ما تزامن مع تخلي الأخير عن منصبه كرئيس لوكالة الطاقة الدولية .

وفيما يتعلق بترشح البرادعي للرئاسة بمصر قالت صحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية إنه مؤخرا انتشرت أقاويل وتخمينات بترشح مدير الوكالة الدولية السابق ذي الـ67 عاما ليكون خليفة للرئيس المصري حسني مبارك وذلك في حال رفض الأخير الترشح لولاية جديدة في حكم مصر ، لكن يديعوت أضافت أن إمكانية ترشح البرادعي للسلطة بالقاهرة ضعيفة جدا خصوصاً مع مركز البرادعي داخل مصر.

وأوضح ايلي شاكيد السفير الإسرائيلي الأسبق بمصر(2003 -2005) أن البرادعي ليست له أي قوة أو سلطة داخل المؤسسة السياسية والعسكرية بالقاهرة ولذلك فمن المشكوك فيه أن يمثل الأخير أي تحد حقيقي لمبارك أو لأحد من وارثيه المحتملين المختبئين الآن وعلي رأسهم نجله جمال مبارك ووزير الدفاع حسين طنطاوي ورئيس المخابرات العامة عمر سليمان.

وقال شاكيد في تصريحات خاصة لبديعوت: إنه علي الرغم من أن المصريين يعرفون البرادعي سواء عبر وظيفته أو حصوله علي جائزة نوبل فإنه لم يحصل علي شعبية واسعة في الحياة العامة هناك ، لافتا إلي أن مدير وكالة الطاقة الدولية السابق عمل تحت اجندة مصرية والتي كانت بالفعل ضد السياسة النووية الإيرانية لكنه من ناحية أخري كان يقوم بتصعيب الأمور علي إسرائيل في كل محفل ومنتدي دولي وذلك لأن القاهرة تري في تل أبيب وتؤمن أنها تملك قنابل نووية حسب قول السفير الأسبق.

كذلك لم تختف حالة الشماتة الإسرائيلية من تقرير الصحيفة العبرية وفي أول تعقيب علي ترك البرادعي لمنصبه قالت بديعوت إنه بعد 12 عاما من عمله علي مدي ثلاث ولايات أنهي أمس محمد البرادعي وظيفته كمدير عام وكالة الطاقة الذرية ، لافتة في تقريرها إلي أن البرادعي مصري الجنسية أصبح علي مدي تاريخه الوظيفي شخصية من أكبر الشخصيات المثيرة للجدل داخل إسرائيل.

ونقلت بديعوت عن مصادر أمنية وسياسية بتل أبيب انتقاداتهم وهجومهم علي البرادعي وسياساته تجاه تل أبيب زاعمين أنه كان يقوم بخدمة "أجندات سياسية" وإقحامها في عمل الوكالة وقراراتها الصادرة عنها ، والتي يشترط فيها النزاهة والموضوعية ، مؤكدين أن الصراعات والاحتكاكات بين البرادعي خلال السنوات الأخيرة دارت بسبب تقاريره عما يجري بإيران وبسبب موقف البرادعي من قصف إسرائيل لمنشأة سوريا النووية في دير الزور والذي جري في سبتمبر 2007.

ولفتت الصحيفة في تقريرها إلي أن البرادعي بدأ منصبه عام 1997 خلفا لهانز بليكس السويدي الأصل ومنذ هجوم 11 سبتمبر 2001 بدا الخوف يتزايد ويتعاظم من تسلح منظمات إسلامية متطرفة بالسلاح النووي أو بقنابل كيميائية وبيولوجية وزاد التوتر داخل أروقة وكالة الطاقة الدولية تخوفا من حصول صدام حسين الرئيس العراقي السابق علي أسلحة دمار شامل وهو الأمر الذي تزامن مع بداية شغل البرادعي منصبه كمدير عام للوكالة.

كما أشارت إلي أن الكشف عن خطة التسلح النووي الإيراني عام 2002 أثار اهتمام وكالة الطاقة الذرية ووجه انتباهها في عهد البرادعي إلي الحدود الشرقية للعراق ـ أي إيران ـ واستمر البحث وراء تلك الخطة حتي اليوم لكن علي الرغم من ذلك لم يحدث أي نجاح سواء من جانب القوي العظمي أو من جانب الوكالة لإقناع طهران بوقف برنامجها العسكري وإثبات أن مفاعلاتها النووية تعمل لأغراض سلمية.

وأوضحت يديعوت أنه في عام 2002 ومع بداية العد التنازلي للغزو الأمريكي للعراق قام البرادعي بنشر مجموعة من المقالات خالف فيها وجهة النظر الأمريكية بامتلاك صدام أسلحة دمار شامل، وعلي الرغم من الضغط الأمريكي الذي مورس عليه استمر البرادعي علي مواقفه موضحا خلال جلسة لمجلس الأمن عام 2003 أن الوثائق التي تثبت امتلاك بغداد لتلك الأسلحة غير أمينة وغير صحيحة.

ونقلت الصحيفة عن الدكتور أفريام اسكولاي ـ خبير الشئون النووية بمركز الأمن القومي الإسرائيلي ـ قوله إن البرادعي قام بإدارة الوكالة الدولية بشكل جيد فيما يتعلق بموضوعات مثل نشر معلومات عن استخدام الطاقة النووية وتحويلها إلي أخري كهربائية أو استعمالها في المجال الطبي والزراعة لكن مشكلة البرادعي بدأت حينما بدأ يقوم بإقحام الأجندات السياسية في موضوعات مهمة كالإشراف علي المواقع النووية الخفية والمخبأة.

وأوضح الخبير الإسرائيلي أن البرادعي قام بذلك مع إيران حينما قام بتجاهل معلومات وإعطاء الفرصة لطهران لكسب الوقت والاستمرار في برنامجها النووي ، وذلك في الوقت الذي قام فيها بتمثيل دور الواعظ، ناصحا تل أبيب محمد عطية بتوقيع اتفاقية حظر الأسلحة النووية، بينما تجاهل إعطاء نفس النصائح والعظات لدول أخري مثل الهند أو باكستان- حسب قوله.